وفاة 88 امرأة خلال عام.. تصاعد العنف ضد نساء كردستان يثير القلق
وفاة 88 امرأة خلال عام.. تصاعد العنف ضد نساء كردستان يثير القلق
في ظل تنامي الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعصف بشمال كردستان، تتعرض النساء لموجة غير مسبوقة من العنف المنزلي والمجتمعي، وسط غياب شبه تام للحماية القانونية وضعف آليات المحاسبة والردع.
ومع حلول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام، تكشف التقارير الحقوقية حجم الانتهاكات المتفاقمة التي تُرتكب بحق النساء، والتي لا تُعد حوادث فردية، بل نمطاً منظماً من العنف البنيوي الذي يمتد من الأسرة إلى الدولة، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة.
ويستعرض هذا التقرير الحقوقي أهم ما ورد في تقرير لجنة المرأة في جمعية حقوق الإنسان– فرع آمد، إلى جانب قراءة أعمق للمشهد الحقوقي وتأثير غياب العدالة على حياة النساء.
تصاعد العنف القاتل
تشهد مدن شمال كردستان ارتفاعاً مقلقاً في جرائم قتل النساء، وهو منحنى تصاعدي بات يلفت انتباه المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية.
تقرير لجنة المرأة كشف أن الفترة الممتدة بين ديسمبر 2024 ونوفمبر 2025 شهدت واحداً من أسوأ الأعوام من حيث ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفق التقرير، قُتلت 37 امرأة، وانتحرت 5 أخريات نتيجة ضغوط العنف الاجتماعي، فيما توفيت 46 امرأة في ظروف لا تزال “غامضة” وتفتقر إلى التحقيق الجنائي الجاد.. هذا الإجمالي –88 ضحية– يكشف عمق الأزمة واتساع الرقعة التي يسقط ضحاياها بصمت.
انتهاكات متعددة الأوجه
لم يعد العنف مقتصراً على الأذى الجسدي، بل بات يشمل أشكالاً معقدة من العنف النفسي والاقتصادي والجنسي والاجتماعي.
وتؤكد عضوة لجنة المرأة، إسراء ساشاكليدير، أن هذا العنف يهدف لإقصاء النساء من الحياة العامة، وتصغير مساحات حركتهن، وخلق منظومة اجتماعية تحاصر المرأة وتمنعها من التحكم في مصيرها.
وترى اللجنة أن حالات الانتحار ليست “أفعالاً فردية”، بل جرائم اجتماعية ممتدة الجذور، تتراكم تحت تأثير القمع الأسري والتمييز ونزع القدرة الاقتصادية عن النساء.
غياب العدالة الفعّالة
يشدد التقرير على أن التحقيقات في حوادث قتل النساء ووفياتهن الغامضة تُجرى بشكل سطحي، يفتقر إلى المهنية والحياد.
هذا القصور يمنح الجناة شعوراً قوياً بالإفلات من العقاب، ويحوّل العنف ضد المرأة إلى ممارسة اعتيادية لا تواجه أي رادع.
تؤكد الجمعية أن إفلات الجناة من المحاكمة الجادة هو العامل الأكثر خطورة في تصاعد جرائم قتل النساء، وأن تعامل السلطات مع هذه الجرائم ما يزال قائمًا على الاستهانة، رغم المطالب الحقوقية المتكررة بالتعامل معها كتهديد مباشر لأمن المجتمع واستقراره.
ويلفت تقرير الجمعية إلى أن استمرار تجاهل الدولة للقضية الكردية ينعكس بشكل مباشر على حياة النساء، إذ ترتفع معدلات العنف في ظل التوتر الأمني والتمييز البنيوي، وتربط اللجنة بين العنف الموجّه للنساء وبين البيئة السياسية غير المستقرة التي يعيشها الأكراد في تركيا.
مشاركة النساء بالسلام
يشدد التقرير على أن إشراك النساء في مسار السلام ليس خياراً ثانوياً، بل ضرورة لوقف دوامة العنف. فإقصاء المرأة من مواقع صنع القرار يساهم في إنتاج مناخ اجتماعي وقانوني يسمح باستمرارية العنف.
رغم إعلان عام 2025 “عام الأسرة”، إلا أن هذا لم ينعكس على الواقع. تشير الجمعية إلى أن هذا الإعلان لم يقدّم أي حماية حقيقية للنساء، بل بقي مجرد شعار لم يحل دون وقوع 29 جريمة قتل نتيجة العنف الأسري.
القانون رقم 6284 الخاص بحماية المرأة من العنف ما يزال يتعرض للتطبيق الانتقائي والضعيف، وسط قرارات تعسفية تقلل من فعاليته، أما انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول فقد أسهم في تراجع حماية النساء بشكل حاد.
عودة لاتفاقية إسطنبول
أولى مطالب الجمعية هي العودة السريعة لاتفاقية إسطنبول، باعتبارها الإطار الدولي الأهم لحماية النساء من العنف.
وتطالب الجمعية بإجراء تحقيقات شفافة في كل حالات القتل والانتحار والوفيات الغامضة، مع محاسبة المسؤولين عن الإهمال أو التقصير.
وتشدد الجمعية على ضرورة وقف الضغوط على المنظمات النسوية، وتسهيل وصول النساء لآليات التبليغ والدعم القانوني والنفسي.
ويدعو التقرير إلى تفعيل القضاء بشكل حازم ضد مرتكبي جرائم العنف الأسري والمجتمعي، بما يضمن ردعاً حقيقياً يحمي النساء من القتل والانتهاكات.











